” الورد جميل، وله أوراق، عليها دليل من الأشواق”
ربما اختصرت أم كلثوم معاني الورود في أغنيتها
” الورد جميل”
و لشدة جماله ومعانيه، فَرَضَ الورد وجوده في حياتنا ، فإذا لم يكن طبيعيًا فبأشكال أخرى، كالعطر أو كمعطر منزلي سائل او بخاخ
يُقال أنَّ تاريخ الورد يقارب من ٣٥ مليون سنة تقريبًا.
وعرفه الفراعنة منذ زمن بعيد، فقد كانت كليوباترا تستعمله في حمّامها الخاص.
أما الرومانيون القدماء والإغريق، فكانوا يستخدمونه للتزيين، يصنعون منه الأكاليل والجدائل وذلك لأنه و برأيهم يرمز إلى الإخلاص والشرف، فيُتوج بها القائد، وذلك لانتصاره في المعارك،
ويُقدم كجوائز للشعراء والرياضيين.
ثم بدأ التاريخ يتغير وهذه سُنَّة الحياة ، فتغير مفهومه وتطور تصنيع العطور فأصبح يُستخرج زيته، ليصبح عطرًا في زجاجات تليق به، ثم في عبوات تناسب اليوم مثل معطر جو بخاخ
هل سمعتَ باسم ” ساعة الزهور”؟
ليست ساعة يد كما تظنها عزيزي القارئ، لكنها ساعة، فكيف هذا؟
بدأت الحكاية من روما، و نظرًا لرمزية الورد وقوته؛
فقد كانوا يستخدمون الزهور كما المصريون في الشعائر الدينية، لأنهم كانوا يعتقدون أن للعطور إله،
وكان يلبس تاجًا مصنوعًا من الزنابق المائية؛
فكانوا يُلقون الورد على الأرض و يسيرون فوقه، فينتشر عطر الورد في الأرجاء مثل معطر جو فريدا ، ولشدة اهتمامهم بالورد، فقد استخدموه في العديد من الوجبات، واقترن وقت الطعام لديهم باسم
” ساعة الزهور” و المقصود فيها وقتًا محددًا إيذانًا بموعد بدء الطعام.
قصة لن تنساها، وقت إغلاق وتفتيح الزهور
الجميع مُغرم بالورد وألوانه ورائحته العطِرة ولكن أن يتحول هذا الغرام إلى فكرة الوقت!
هذا ماسنعرفه الآن؛
انتشر اسم ساعة الزهور ، لكن كارلوس لينيوس في أوبسالا، كان أول من حاول ربط الوقت بالزهور فعليًا، وذلك بالاستفادة من النباتات التي تفتح زهورها وتغلقها في وقت محدد يوميًا، وذلك لمعرفة الوقت، ونشر فكرته عام ١٧٥١
لكنه لم ينفّذها، فهو لم يسبق له زراعة مثل هذه الحديقة، لأنها تحتاج لمساحات كبيرة، بالإضافة لأنواع خاصة من الزهور.
دائمًا ما تبدأ أي مشروع في حياتك وعلى أي صعيد بفكرة، لكن الفكرة لا قيمة لها إذا لم تُنفذ، فالأفكار موجودة على قارعة الطرقات ولكنها تحتاج إلى دراسة و أدوات وجرأة وشغف لتنفيذها.
في القرن التاسع عشر جرب الكثيرون تنفيذ فكرة لينيوس، لكن نسب نجاح الحديقة هذه كانت متفاوتة، فلم يتم تنفيذها بشكل صحيح
وكانت هذه الحديقه ملهمًا للشعراء أيضًا، وكيف لا؟
فالزهور تعني الحب والرومانسية والاعتذار والاهتمام والإحساس؛
قال الشاعر آندرو مارفيل في عام ١٦٧٨
في وصف هذه الساعة التي أثرت به ولم تكتمل :
كيف للبستاني أن يقوم بجلب الورود والأعشاب
لقرص الساعة الجديدة
حيث تقف الشمس اللطيفة في عليائها
ترسل شعاعها ببرجها المعطر.
اختصر الشاعر هنا فكرة ساعة الزهور بكتابته فأجزل ووضح؛
ولو أنَّ الشاعر مارفيل حيًّا الآن، لرأى ما أذهله من عالم الزهور وتقنيات دخلت لإنتاجه وإصداره
فأصبح للصباح عطر وللظهر والمساء وللحفلات عطر آخر وكلٌّ حسب مزاجه،
حتى إنَّ للبحر ونسائمه رائحة عطر، يُختصر في عبوات خاصة به وبطريقة بخاخ معطر للبيت
من هو أول صانع للعطور؟
يُقال أنَّ أول صانع للعطور يدعى تابيوتي وكان كيميائيًا، استخرج العطر من نبات المر والزهور في بلاد مابين النهرين ” بابل” فقد كان للناس، كما اليوم اهتمام بالعطور في مناسباتهم الرسمية والدينية و اليومية.
كما ويُطلق على صانع العطور في بعض البلاد اسم
” العطّار “، وقد انتشر قولٌ تداوله الناس بأنَّ
” شريك الماء لايخسر” والمقصود به أن العطر سائل ويمزج أحياناً بالكحول المخصص له.
هكذا انتشر العطر قديمًا أما حاليًا فبأشكال مختلفة.
ذاكرة العطر وتأثيره على المزاج
انتبه عزيزي الرجل
فإذا أردت الاعتذار لامرأة فقدم لها الورود، فهي كفيلة بزرع الابتسامة على شفتيها حتى وإن لم تُبدِ لك ذلك؛
وبإمكانك أيضًا تقديم زجاجة عطر برائحة تحبها، فالعطر يدوم لفترة أطول؛
ولشدة اهتمام المرأة بالتفاصيل، وذلك لأن طريقة تفكيرها عنكبوتية، فهي تستطيع الاهتمام بأشياء كثيرة بذات الوقت، فبعض النساء قد تختار معطر للمنزل يشبه رائحة عطرها كالياسمين مثلًا وتهديه لك من أجل مكتبك مثل بخاخ معطر جو وهكذا ستبقى في ذاكرتك كلما فاح عطر البخاخ
هل حصل أنَّ رائحة عطر استوقفتك في مكان ما وتذكرت حبيبًا لك أو شخصًا فارقته؟
ذلك أنَّ للعطور ذاكرة كالإنسان وربما أكثر، فقد تنسى اشياء صارت معك في الحياة، ولكنك لن تنسى رائحة عطر من أحببت،
لذلك كان الاهتمام بزيت العطور.
فالفراعنة أول من استعمل العطور وهذا موثق في أوراق البردي قبل الميلاد ب ٢٠٠٠ عام؛
وكُتب فيها اثباتات أنَّ الحضارة الفرعونية استخدمت الدهون العطرية، لتنبعث منها روائح تملأ البيوت وخارجها كما يفعل اليوم معطر جو جليد
روائح العطور وتطورها الصناعي
الصناعة، تلك الكلمة التي غيرت وجه التاريخ، وأثرت في كل كبيرة وصغيرة في حياتنا، حتى في تفاصيل حياتنا وفي حمّاماتنا الشخصية فهناك
معطر كرسي الحمام ، وهذا ليس غريبًا، بل ضروري من أجل رائحة الحمامات وتعطيرها حتى أنَّ بعض النساء تفضل الروائح النفاذة لوضعها في الحمّام مع المعطر كما في نفتالين للحمام
فكما للمرأة سحر خاص، فلها أيضًا عطر خاص وكذلك منزلها فهو جنتها الصغيرة لذلك تهتم بتعطيره من أجل راحة عائلتها.
وكلما ازدادت حاجة الإنسان لشيء ما، ازداد المصنّعون من إنتاجه، بحيث يتناسب مع متطلبات الحاجة والاستهلاك.
والبحث في موضوع العطور كالبحث عن أنواع الورد ورمزيته، فالمرأة دائمة البحث عن الجمال ولهذا تبحث عن روائح تدوم أكثر وتهتم بأفضل معطر جو يدوم أكثر، وأكثر
ولأن المرأة تهتم بالتفاصيل، اهتمت أيضًا بالمفارش والسجاد فوضعت عطرًا خاصًّا فيها مثل بودرة اللافندر للسجاد ، فبودرة معطر السجاد هذه تعطي فيضًا من الاسترخاء والراحة، فكلنا يعلم خواص اللافندر بالاسترخاء ولذلك كان منه زيوت عطرية، فحين تستنقشها تشعر وكأنك في حقول اللافندر لتحيا فيها بلحظة دهشة وجمال اللافندر.
أما شركات إنتاج العطور وزيوتها فتعلم جيدا طلب المستهلك وتتابع ذلك عن كثب، فأنتجت حاجة الناس من المعطرات و اهتمت أيضًا في عطور السيارات، فأنت لن تشعر بالراحة إذا كانت رائحة مركبتك ليست جميلة، فللسيارة خصوصية كما للمنزل تمامًا، فأول ماتفعله عن صعودك للسيارة تطلق معطر جو للسيارة، فمعطر جو للسيارات كفيل بتغيير مزاجك، كما تفعل وردة أو فنجان قهوة أو صوت فيروز صباحًا في مكتبك
وراح المصنّعون بصناعة عطور خاصة للفنادق والمطاعم مثل جهاز تعطير الفنادق وكرات النفتالين للحمام أو بمعطر أرضيات مركز وكل ذلك بأحجام تناسب حاجة الإنسان
الحقيقة أن جميع الصناعات الحديثة كانت لخدمة الإنسان والمساعدة في راحته النفسية والجسدية، بغض النظر عن مقابلها المادي، فهي تبحث دائما عن الأفضل وتُصنّع ذلك، وفعلت ما في وسعها من أجل راحته.
ولكن السؤال :هل أنتَ مرتاح في هذه الحياة فعلًا؟
من فضلك فكر قليلًا في الجواب
ففيك انطوى العالم الأكبر