الخليفة محمد الأمين والمأمون يتوليا الخلافة:
محمد الأمين ابن الخليفة السابق هارون الرشيد وأمه زبيدة، تولى الخلافة مع أخيه المأمون ابن مراجل الفارسية، قبل وفاة الرشيد عهد للولاية من بعده لابنيه الأمين والمأمون، فلمّا كان في حجه الأخير سنة 186 للهجرة مع الأمين والمأمون في الكعبة، أخذ عليهما العهد والميثاق بأن يلزم كل منهما بالإخلاص لأخيه.
ويكون المأمون ولي العهد على بلاد المشرق كلها، ويكون للأمين عاصمة الخلافة بغداد وما دون المشرق
فكتب الرشيد هذه الوصية على شكل بيان رسمي وعلّقها في الكعبة لتكون مرسوم شاهد على الخلافة من بعده.
نهاية الدولة العباسية هجري
الخلاف الحاصل بين الأمين والمأمون على الخلافة :
تشير مصادر التاريخ إلى بداية الخلاف الذي وقع بين الأمين والمأمون كانت من جانب الخليفة الأمين
حين خالف أمر والده الرشيد أثناء مرضه بأن يكون ما في معسكره من أموال ومتاع وجند لأخيه المأمون في مدينة مرو، ممّا أحدث أثرا سيئاً في نفس الأمين وكانت الخطوة التالية قيام الأمين بتعيين ابنه موسى ولياً للعهد، بدلاً من أخويه المأمون والمعتصم بالله، فقام المأمون بإسقاط اسم الأمين من الطرز والسّكَة ومنع البريد من الوصول إليه بأخبار خراسان.
ثم طلب من أخيه الأمين أن يرد اليه 100,000 دينار كان والده الرشيد قد أوصى بها إليه؛ فرفض الأمين. وبعد فشل المفاوضات السّلميّة التي كانت بين المأمون والأمين، دفعهما إلى نشوب الشرارات الأولى للإعلان عن الحرب، ثم قام الأمين بإرسال بعض رجاله إلى مكة لسرقة الكتاب الذي أوصى به أبيه الرشيد وحرقه.
ثم تطور الصراع بينهما إلى المواجهة العسكرية، فجهّز الأمين جيشاً بقيادة علي بن عيسى بن مهان.
وجهّز المأمون جيشاً ضخماً بقيادة الطّاهر بن الحسين.
ودارت عدّه معارك بين الجيشين انتهت بمحاصرة بغداد ومقتل الأمين سنة 198 هجرية، وقد دامت خلافة الأمين خمس سنوات تقريباً.
الخليفة المأمون يتولى الخلافة رسمياً:
يعتبر الخليفة المأمون سابع خلفاء الدولة العباسية وأشهرهم، أمه الجارية الفارسية مراجل توفيت بعد ولادته.
نشأ وترعرع في بيت الخلافة، فلازم أبوه الذي عمد على تنشئته وتعليمه أمور السياسة والحكم.
وبسبب ذكائه وفطنته وحنكته البالغة عقد له أبوه الخليفة هارون الرشيد بيعة الخلافة على المشرق، وترأّس الخلافة على بغداد بعد أخيه الأمين، استلم الخلافة في سن 24 سنة.
تعتبر فترة حكمه فترة امتداد واستمرار للازدهار العظيم الذي شهدته الخلافة العباسية في العصر الأول وعلى مر التاريخ.
النهضة التعليمية في عهد المأمون:
عمد الخليفة المأمون بعد استلام الخلافة بشكل رسمي، في حث الناس وتشجيعهم على نشر العلوم والثقافات على أوسع نطاق، كالفلسفة والطب والرياضيات والفلك فبدأت معالم الدولة الاسلامية العظيمة تلوح في الأفق.
كان المسلمون يطمحون إلى بناء دولة اسلامية قوية ترجع الاسلام إلى عصره الذهبي، فكانوا يستبشرون خيراً بأمير المؤمنين الخليفة المأمون لِمَا رأوا فيه من سمات قوية وعظيمة وخير خلف لخير سلف أبيه الرشيد.
فاهتم بالانفتاح على الثقافة اليونانية ودمجها بالثقافة العربية، فدعى الناس إلى ضرورة التعلم في سبيل النهضة بالأمة الإسلامية كلها مستشهداً بقوله تعالى “يرفع الله الذين ءآمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”.
فأرسل البعثات التعليمية الى القسطنطينية ووسّع جامعة بيت الحكمة ببغداد لاستقطاب المزيد من العلوم والعلماء، وتعزيزها بكتب من مختلف المجالات.
ففي عهده ارتفعت ثقافة المسلمين وازدادت ابداعاتهم في كآفة العلوم والمجالات.
أنشأ المأمون مرصداً فلكيّاً في حي الشمّاسية في بغداد وأنشأ مرصداً آخراً على قمة جبل قاسيون في دمشق، كما وسّع في اهتمامه بالشعر والأدب والفقهاء والفلاسفة.
فكان له الفضل في افتتاح عدد كبير من المدارس من مختلف مناطق الدول الاسلامية.
وقد أشار المؤرخون إلى أن فكر المعتزلة بدأ في عهده، هذا الفكر الذي يدعو إلى الإعلاء من قيمة العقل وجعله المصدر الرئيسي في فهم النص دون قيود أو حدود.
الثورات في عهد الخليفة المأمون:
الثورة العربية:
يقال أن أول ثورة قامت عند توليه الخلافة مباشرة؛ أثناء إقامته في مرو بخرسان، فرأى العراقيين والعرب من بني هاشم تحيّزه للفرس كون أمه فارسية ممّا أثار غضبهم وانضم لهذه الثورة عدد كبير من أبناء عمومته العلويّين النّاقِمين على بني العبّاس فكانت أول ثورة عربية ضد المأمون تزعمها القائد العربي أبو السرايا، فنجح هذا الأخير في بداية الأمر على المأمون، وانتصر على الجيوش الذي أرسلها إليه والي العراق فتمكّن من الاستيلاء على مدينة البصرة والقادسية.
لكن فيما بعد استطاع والي العراق بقيادة هرثمة بن أعين القضاء على الثورة وقتل قائدها وشرّد أتباعها وذلك سنه 201هـ.
ثورة الأقاليم:
انتقلت عدوى فتنة الأمين والمأمون إلى الأقاليم الإسلامية الأخرى، ومن بين هذه الثورات ثورة مصر وأخطرها؛
ذلك لأن الأحوال السياسية والاقتصادية هناك كانت مضطربة، فانتفض الناس بين فريق كان مؤيداً للأمين وفريق مؤيد للمأمون والفريق الثالث بقيادة السّرية بن الحكم وأولاده كان يعمل لحساب مصلحته الشخصية ويشعل الفتنة بين الفريقين بغية الاستقلال بمصر.
أمّا ثورة الأندلس تزامنت مع ثورة مصر، حيث قامت هذه الثورة الأندلسية ضد أميرهم الحاكم الأموي أبو العاص الحكم بن هشام فعاقبهم الأمير بهدم ديارهم ونفيهم وتهجيرهم من الأندلس، فما كان لهم إلّا أن عبروا إلى المغرب والبعض واصل سيره حتى استقرّ بهم الوضع في الإسكندرية فاستغلّوا فرصة الاضطرابات والفتن القائمة.
فاستولى المهاجرون الأندلسيون على مدينة الإسكندرية وأسّسوا فيها إمارة أندلسية مستقلّة عن الدولة العباسية، دام هذا الوضع أكثر من عقد من الزمن وعندما استقر الأمر للخليفة المأمون واستتبّ الأمن في البلاد،
أرسل الخليفة قائده عبد الله بن طاهر بن الحسين إلى مصر وطلب منهم الدخول في الطاعة وهدّدهم بالحرب
لكنهم سرعان ما استجابوا لأمره حقنا لدمائهم.
كما قامت بعض الجهات من العشائر والقبائل العربية بالجزيرة والشام بعدّة دورات موجهة ضد النفوذ الفارسي لميل الخليفة المأمون إلى أهل خراسان واستطاع القائد عبد الله بن الطاهر بن حسين تهدئة أهل خراسان واستطاع تهدئة الوضع باللين والصلح تارّة وأخذهم بالحزم والشدّة تارة أخرى.
سياسة المأمون الخارجية:
كانت سياسة الخليفة المأمون مع امبراطورية الروم امتداداً لسياسة والده الرشيد التي اتّسمت بالصلح والاتّفاق والمصادقة وتشير بعض الروايات إلى أن العلاقة ارتقت إلى درجة إرسال الامبراطور لويس سفارة إلى البلاط العباسي في عاصمة الخلافة بغداد سنه 831 م.
أما علاقة الدولة العباسية في عهد الخليفة المأمون مع الامبراطورية البيزنطينية اتّسمت بالعداء الشديد على غرار سياسة آباء وأجداد المأمون.
أما بالنسبة لفتح جزيرة صقلية فكانت علاقة الدولة العباسية بدولة الأغالبة في أفريقيا استمراراً للسياسة السابقة القائمة على الاعتراف بدولة الأغالبة المستقلة بذاتها التابعة للخلافة الاسلامية العباسية التي يرأسها “زيادة الله الأول بن إبراهيم بن الأغلب” الذي بقي تابعاً وحليفاً مخلصاً للخليفة المأمون فقد تم الاستيلاء على جزيرة صقلية من قبل البيزنطيين فتحالف جنود زيادة الله بن إبراهيم مع جيش مأمون الذي كان معظمه من الفرس الخرسانيين على العدو البيزنطي في معركه شديدة الوطيس وانتصر الجيش الإسلامي على البيزنطينيين وفتحت جزيرة صقلية بفضل تعاون المأمون وسياسته المحنّكة مع القائد والحاكم زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب.
بعض الصفات والمناقب الأخرى للخليفة المأمون:
1- كان الخليفة المأمون من أفضل رجال الدولة العباسية بعد أبيه الرشيد، رجل حازم هادئ داهية من دهاة العرب.
2- عالماً صاحب رأي حالماً صاحب عزم.
3- حافظاً للقران الكريم.
4- فقيهاً من فقهاء اللغة العربية والتاريخ من بين أقواله المأثورة “الناس ثلاثة فمنهم مثل الغداء لابدّ منه على كل حال ومنهم كالدواء يحتاج إليه في حال المرض ومنهم كالداء مكروه على كل حال”.
5- عاش المأمون ما يقارب نصف قرن من الزمن.
6-وتوفي بسبب مرض الحمى الذي أصابه وهو في إحدى غزواته ضد الدولة البيزنطينية.
وكانت وفاته في منطقه طرسوس شمال الشام وذلك في رجب من عام 218 للهجرة 833 م.
الخليفة العباسي المعتصم بالله:
الخليفة العباسي المعتصم بالله ابن هارون الرشيد تولّى الخلافة من بعد أخيه المأمون، دامت مدة حكمه ثمان سنوات.
سنتعرف على أهم المحطات في حياته وأشهر المعارك والمواقف التي خاضها فترة حكمه.
مناقبه وصفاته:
- عرف أنّه كان أُمّيًا لا يحسن الكتابة ولا علاقة له بالعلم لكنه متمكن من الشعر والفصاحة.
- جندي شجاع مدرب على فنون القتال ومهارات الحرب يوصف بالبنية الجسمانية القوية.
- قال عنه الذهبي كان المعتصم من أعظم خلفاء الدولة العباسية وأهيبهم لا يشق له غبار في ساحة المعركة.
- يعتبر أول خليفة أدخل الأتراك إلى الديوان.
- أمر المعلمين بتعليم الصبيان القرآن الكريم.
- انتهج سياسة والده الرشيد وطوّر من الفنون والفتوحات والقضاء على المعارك.
أشهر معاركه وثوراته:
حركة الزط:
وهم قوم من الغجر أصلهم من السّند، نزحوا إلى فارس وشبه الجزيرة قبل الإسلام.
ساعدوا المرتدين في حربهم تعتبر هذه المعركة من المصاعب التي واجهت المعتصم خلال فترة حكمه.
تمكّنوا من السيطرة على طريق البصرة، وهدّدوا أمن ومرافق الدولة، وفرضوا الضرائب والجمارك على السفن، وحالوا دون وصول الإمدادات إلى العاصمة بغداد فوجّه إليهم الخليفة الجيش لصدّهم وشدّد عليهم حتى طلبوا الأمان فنفاهم الخليفة المعتصم إلى عين زربة.
حربه ضد البابكية:
كان المعتصم بالله عند حُسن الظن به، أرسل الى هذه الحركة في حملة تلو الحملة وتفاقم خطر بابك بعد أن دخلت أذربيجان في حوزته، فنشر الرعب في المنطقة الممتدة حتى إيران وكان المأمون قد أوصى المعتصم كثيراً كي يقضي على هذه الفرقة لخطورتها وخبثها وحقدها على المسلمين والعرب وفي الأخير تمكّنت إحدى الفرق العباسية بقيادة اسحاق بن إبراهيم بن مصعب القضاء على أتباع بابك في إيران.
قصّة انقلاب العبّاس ابن المأمون على عمه الخليفة المعتصم بالله بن هارون الرشيد:
افتضح أمر الانقلاب وبُطش بالمتورطين بها شر البطش وأعدموا جميعاً بطرق وحشية.
حاول بعض القادة إغراء العباس ابن مأمون، بأن يتولى هو الخلافة من بعد أبيه وأن لا يبايع لعمه المعتصم، وشغّب الجنود وأثاروا الفوضى دعماً للعباس لكن العباس لم يكن حينها مقتنعاً بالأمر وكان مترددا في طلب الخلافة لنفسه.
سمع المعتصم بالعباس وشغب الجند، أرسل في طلبه وأخذ منه البيعة أمام الخاصّة والعامة وبايع العباس مقتنعاً، وخرج إلى الجند وقال لهم:
” ما هذا الحب البارد قد بايعت عمي وسلّمت الخلافة إليه”
فسكن الجند وخفتت الأصوات بينما المعرضين لم يكفّو عن العباس
وكان في مقدمتهم عجيف بن عنبسة وهذا الأخير هو أحد القادة العسكريين لدى الخليفة المعتصم.
سخط على الخليفة بعد أن قلّص مسؤولياته في الإنفاق، فكان عجيف مع العبّاس في الحملة العسكرية التي قادها المعتصم على عمورية
وراح عجيف يوبّخ العباس بن المأمون ويلومه، لأنه لم يأخذ الخلافة لنفسه بعد موت أبيه المأمون حتى اقتنع العبّاس بالفكرة مجدداً وقرّر الإنقلاب على عمه.
المبايعة سرا:
خلف نديمه حارس السمرقندي بفاتحة من يثقون بهم من القواد ومن تميل أنفسهم إلى العبّاس وسار رسوله وسفيره إلى القوّاد وتولى السمر قندي بالفعل مهمة ايصال الأمر للقوات ونقل من يثق بهم إلى العبّاس لمبايعته سرا على أمل إعلانه خليفة بعد قتل المعتصم واقترح عُجيف على العباس أن يقتل عمّه المعتصم أثناء توجهه إلى أنقرة في طريقه إلى عمورية.
حيث كان المعتصم حينها مع نفر قليل من الجند بعد أن وزّع أغلبهم على أكثر من محور مع بقية القوات.
بينما العبّاس رفض قتل عمه في ذلك الوقت الحرج حتى لا يفسد غزوة عمورية وضرب الروم وقال:لا أفسد هذه الغزوة…
فلمّا أتم المعتصم غزوته ودخل عمورية قال عجيف للعباس:
“يا نائم كم تنام لقد فتحت عمورية فما تنتظر”؟
فاقترح عليه أن يدّس من يلتهمون الغنائم فتصير فوضى ليخرج المعتصم فيقتله في خضم ذلك لكن العباس رفض كذلك واقترح أن يقتله وهو في طريق العودة إلى العراق
وفي هذه الأثناء وبينما كان المعتصم يهمّ بالعودة إلى العراق تسرّب خبر المؤامرة اليه
كشف المؤامرة:
عن طريق أحد غلمانه إذ جاءه الغلام ذات يوم وقال له:
يا مولاي إن عمر الفرغاني نصحني قبل أيام أن أكون مقلّاً في التواجد قربك ليلا
وأن ألزم خيمتي ولا أبرحها إذا سمعت صياحا أو شغباً
وعمر الفرغاني أحد صغار قادة الجيش وكان ضمن الحملة العسكرية لفتح عمورية
بايع العباس ابن المأمون سرا وأشفق على الغلام وهو يعلم بقربه من المعتصم
فنصحه أن يتجنب الخروج من خيمته خوفا عليه من أن يقتل إذا ما دخل القوم خيمه المعتصم لقتله
وهنا توجّس المعتصم وأرسل في طلب عمر الفرغاني وسأله عن أمر الغلام وحديثه إليه؟ فأنكر عمر وقال:
هذا الغلام كان سكرانا ولم يفهم، ولم أقل شيئا ممّا ذكر.
فدفع المعتصم به إلى الحبس حتى ينظر في أمره وأثار حبس عمر الفرغاني قلقا لدى بقية القواد المتورطين في المؤامرة
وخوفا من احتمال انكشاف أمرهم حتى أقدم أحد المتآمرين ويدعى أحمد بن الخليل على البوح بالسر إلى قائده وهذا القائد أحد المقربين من المعتصم.
كشف السر:
باح أحمد بن خليل لقائده بالسر لعلّه ينجو بنفسه
بعد أن ظن أن الأمر قد افتضح فأراد أن يبرئ نفسه وقال له:
أن عمر الفرغاني هو الذي طلب منه أن يبايع العبّاس
فما كان من القائد إلّا أن اعتقل أحمد وأرسل من يعتقل الحارث السمرقندي سفير العبّاس ابن المأمون الذي كان يتولى مهمة الدعوة له.
نُقل السمر قندي مقيدا إلى المعتصم وأقرّ أمامه بأنه كان صاحب خبر العباس بن أخيه واعترف بأسماء جميع القواد الذين بايعوا العبّاس سرا
وهنا تصرف المعتصم بغير المتوقع إذ أطلق سراح الحارث من فوره وقال له:
أنه عفا عنه وأرسل في طلب ابن أخيه العباس ابن المأمون
وقال له: أن أمره افتضح وكلّمه كلاما لينا وأوهمه أنه قد صفح عنه
وتغذى معه وصرفه بعد ذلك إلى خيمته ثم دعاه بالليل وسقاه النبيذ حتى أسكره
واستحلفه الله أن لا يكتم عنه سرا
فتحدّث العباس قصته بالكامل وسمى له جميع من بايعه سرا من القواد
فما كان من المعتصم بعد ذلك إلّا أن أمر بتقييد العباس وسجنه عند قائده
وتتبع بقيه القواد المشاركين في المؤامرة واعتقلهم جميعا.
ومضى المعتصم بالانتقام من المتآمرين واحدا تلو الآخر
وكان أول من انتقم من قائد يسمى الشاه بن سهل وأصله من خراسان
فدعا به المعتصم فقال المعتصم للشاه:
“يا ابن الزانية أحسنت إليك فلم تشكر”
فردّ الشاه قائلا: ابن الزانية الذي بين يديك وكان يقصد العباس ابن المأمون
فلو تركني لما كنت أنت الساعة تقعد في هذا المجلس وتنعتني بهذا الاسم
فأمر به المعتصم بضرب عنقه.
تصفية باقي الحسابات مع المتآمرين:
أمّا من قتل بعد ذلك فهو العباس ابن أخيه فما إن وصل جيش معتصم إلى منبج في طريق عودته إلى العراق حتى منع عنه الأكل في محبسه فجوعوه جوعا شديدا
ثم أعطي أكلا كثيرا مرة واحدة وطلب الماء بعد ذلك فمنع عنه فمات في السجن.
وأما عمر الفرغاني لما نزل المعتصم في أحد البساتين دعا صاحب البستان فقال له احفر بئرا بقدر قامة الرجل فبدأ صاحب البستان بالحفر ثم جيء بعمر الفرغاني والمعتصم جالس في البستان قد شرب أقداحا من النبيذ فلم يكلمه المعتصم ولم يتكلم عمر حتى مثل بين يديه
فقال: جردوه من ملابسه وضرب بالسيّاط والبئر تحفر حتى انتهى الرجل من حفر البئر
فأمر المعتصم عند ذلك بضرب وجه عمر وجسده بالخشب ولم يزل يضرب حتى سقط
ثم قال: للجند خذوه إلى البئر واطرحوه فيه
فلم يتكلم عمر ولم ينطق بكلمة فطرح في البئر ولقيّ حتفه.
أما عجيف يقول الطبري:
أن المعتصم أودعه الحبس عند أحد قادته وسأله ذات يوم هل مات عجيف
فقيل له: لم يمت بعد ولكنه سيموت اليوم في إشارة إلى أنه سيعمل على قتله،
فمات بنفس الطريقه التي مات بها العباس ابن المأمون.
أما أحمد بن الخليل والذي فضح أمره بدايةً، فقد حبس في حفرة ووضع على الحفرة طبقا فيه فتحة صغيرة ليرمى له منها الخبز والماء فقال المعتصم: حين علم ساخرا…
ويلكم أظنه سمن على حبسه هذا..
فقرروا أن يصب الماء في الحفرة حتى يغرق ويموت،
غير أن الرمل كان يشرب الماء فلا تمتلئ الحفرة وبقي على حاله تلك حتى مات بعد أيام.
وعفا المعتصم عن اثنين فقط أحدهما تشفّع له قائد
والآخر عفي عنه لأن والده كان شيخا كبيرا في السن مقربا من المعتصم
وقتل بقيه القواد جميعا.
وأمر المعتصم بعد ذلك بلعن العباس ابن أخيه على المنابر
وحبس إخوة العبّاس من أمه جميعا حتى الموت.
استنجاد المرأة بالخليفة المعتصم:
لقد عذّب الروم إمرأة اسمها شراة العلوية وساقوها سبيّة ونكّلوا بها
وقد صرخت بأعلى صوتها واامعتصمااااه واااامعتصمااااه
ليردّ عليها الخليفة وكلّه شرارة غضب وثأر وتلبية إغاثة المرأة
لبيك يا أختااااه لبيك يا أختااااه؛
ذات صباح من أيام عاصمة الخلافة بغداد…
كان رجلا أعرابي غليظ مغبّر العمامة يدخل قصر الخلافة.
ويلقي التحية على الخليفة المعتصم بن هارون الرشيد الذي كان خير خلف لخير سلف يقول:
كنت يا سيدي أمير المؤمنين في تجارة بسوق عمورية فإذا بإمرأة عربية تبتاع في السوق
إذ بها تسحب إلى السجن فصاحت المرأة بأعلى صوتها تستنجدك
…وااامعتصمااااه… وامعتصماااه
فضحك الرجل الرومي وقال لها:
انتظريه حتى يأتيك على حصانه الأبلق ينصرك
فالثابت من الخبر أن استغاثة تلك المكلومة تردّدت صدائها في قصر الخلافة وحرّكت مشاعر النجدة في قلب الخليفة المعتصم المعروف بالإيباء والعزة والشهامة والقوة التي لا يضعفها جيش بأكمله وليست عمورية إلّا واحدة من معارك رمضان سنة 223ه
ذات التاريخ الأصيل في الانتصار وعلى مشارف عمورية جرت إحدى أكبر المعارك العابرة للتاريخ بين المسلمين والروم.
لم تكن شراة العلوية الهاشمية إلا واحدة من أكثر ألف أسيرة قادها في أغلال الذل والمهانة قائدهم إمبراطور الروم الشاب الرومي المغرور وقد سقت صرختها سماء التاريخ قبل أن تقع في قلب الخليفة ليحرك بسببها جيشا دكّ المنجنيق عنوان الصور الشامخ الذي حمى المدينة لقرون قبل أن يخرجها طغيان الامبراطور إلى مواجهة جيش المسلمين.
مدينة عمورية:
تعتبر مدينة عمورية أصعب وأمنع مدائن الروم فتوجّه إليها المعتصم لأنها قلب مدائن الرومان وقلعة مجدهم الذي لم يستطع أي غاز ولا فاتح أن يتقرب منها وتحدثت الروايات التاريخية عن قوة وضخامة وعدّة جيش المعتصم حيث قال للأمراء:
أي بلاد الروم أحصن وأمنع؟
فقالوا: عمورية
لم يواجهها أحد منذ كان الإسلام وهي عندهم أقدس وأشرف من القسطنطينية.
ولأنها كانت كذلك، فقد تجهز المعتصم للحرب جهازا لم يجهزوا أحدا قبله من الخلفاء
(حتى أبيه الرشيد).
فأخذ معه من آلات الحرب والأحمال والجمال والقرب والدواب والخيل والبغال والسلاح والشيء لم يسمع بمثله وصار إلى عمورية في جحافل أمثال الجبال.
الخليفة المعتصم بالله يدمّر الروم:
توقف القتال بين المسلمين والبيزنطيين في السنوات الأولى لخلافة المعتصم، نتيجة إنهماك الخلافة بالقضاء على ثورة بابك الخُرّامي، وفي المقابل فقد انصرف الامبراطور البيزنطي إلى التخطيط لاستعادة جزيرة صقليّة من المسلمين.
فشهدت مناطق الحدود هدوءا يكاد يكون تاماً إلٍا أنه ما كاد يمضي على خلافة المعتصم أربع سنوات فقط حتى كانت صرخة المرأة سبب في اشتعال الحرب.
حتى الامبراطور البيزنطي رأى أن يعود إلى قتال المسلمين على الحدود الشرقية.
وقد شجّعه على ذلك نجاح المفاوضات التي أجراها مع بابك الذي وعده باعتناق المسيحية مقابل مساعدته في قتالهم، وظنا منه أنه باستطاعته احراز نصرا عسكريا على الخلافة العباسية فأغار الروم على منطقة أعالي الفرات ليؤمّن اتصالا مع خُرّامية في أرمينيا وأذربيجان،،
وفي طريقه استولى على عدّة مناطق كان من بينها قرية “زِبطرة”
التي شهدت مآسي وويلات في ذلك الوقت.
فأسر الروم من فيها من المسلمين ومثّلوا بهم أشدّ التمثيل
وسبى الروم المسلمات وقتّلوا وعذبوا ونكّلوا وأبادوا في ذلك المكان
كما هاجم الروم عدّة مناطق وهذا ما أشعل غضب الخليفة واعتبره تحدّيا كبيرا يخصّه بنفسه قبل أن يشمل كل الدولة العباسية وتحمّل مسؤولية حماية المسلمين وقال في ذلك:
“لا عاش المعتصم إن لم تجد أخواتي المسلمات من يحمي أعراضهن، أنا الخليفة المعتصم ابن هارون الرشيد”
التعداد للحرب:
أعدّ المعتصم جيشا عرمرما لضرب الروم ضربة قاصمة تقضي بدورها على هيبة الامبراطور البيزنطي
وخرج على رأس هذا الجيش متوجها صوب عمورية، أحكم خطته وتقدّم نحو مدينة أنقرة
كما أنه اعتبر الاستيلاء على عمورية خطوة للوصول إلى القسطنطينية.
فقسّم الجيش إلى ثلاثة محاور شرقا وغربا والوسط؛ فحاصر الملك البيزنطي داخل مدينة عمورية لثلاثة أيام.
ظل المعتصم يرشق الأبراج والحصون إلى أن كشفت له ثغرة صغيرة في الصور وكانت هذه الثغرة بوابة الفتح حول حاكم عمورية للاستنجادة بالامبراطور
لكن رسله الذين أرسلهم طلبا للنجدة واشعارا بخطة الهجوم المباغت وقع في أيدي المسلمين ووقفت معهما آخر أحلام الصمود والمقاومة والتصدي.
واحتدم القتال العنيف وانهزم البيزنطيون وهربوا لا يلوُون على شيء وترك الامبراطور البيزنطي تيوفيل ساحة المعركة وفرّ هاربا
وبعدها أرسل للخليفة المعتصم يطلب الصلح، فكانت النتيجة أن المعتصم شتّت جموعهم وخرّب ديارهم وفتح عمورية من جديد وقتل من الرومانيين خلقا كثيرا وقال بعض المنجمون عن المعتصم في شأن هذه الحرب أنه سينكسر؛
لكنه لم يصدق كلامهم وانتصر عليهم بتأييد من الله؛
قصيدة أبي التمام:
غنم المسلمون أغنام كثيرة وتم توزيعها على الجنود وفي ذلك قال أبي التمام قصيدته المشهورة مطلعها:
السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ
بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ
وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً بَينَ الخَميسَينِ لا في السَبعَةِ الشُهُبِ
أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ وَما صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ
كان الخليفة المعتصم بالله يجتهد في تطوير الدولة الإسلامية في مختلف المجالات
توفي رحمه الله يوم الخميس 18 من ربيع الأول سنة227 هجري.
كيف كان سقوط هذه الدولة العظيمة وما هي أبرز الأسباب التي أدّت إلى انهيارها!؟
أعظم خيانة في التاريخ هي التي شهدتها الدولة العباسية في آخر عهدها وتسببت في نهايتها
في عام 640 هـ.
كان حاكم الخلافة العباسية الخليفة المستنصر بالله رجلاً متمكنا من الحكم ويسير أمور الدولة بشكل محكم ومنضبط؛ لكنه عزم على توريث الحكم لابنه المستعصم بالله وعُرف أنه لم يكن رجل دولة وكان يهتم بتربية الحمام والاعتناء بها فتسلّم هذا الأخير مقاليد الحكم فكان للمستعصم بالله وزيرين من وزرائه
أحدهما “ابن العلقمي”، رجل يعتبر عنوان الخيانة والغدر ارتبط اسمه باسم أفضع الجرائم التي كانت نتيجتها سقوط بغداد عاصمة الخلافة العباسية الاسلامية في أيدي التتار.
في تلك الفترة كانت الدولة الخوارزمية المسلمة في حرب مع هولاكو الذي شنّ زحفه نحو بقاع العالم الاسلامي دون أن تحرك دولة الخلافة أي ساكن.
في تلك الأثناء حصلت مناوشات بين أهالي البصرة والكرخ اذ يعتبر أهل البصرة من المذهب السني وأهل الكرخ من الشيعة، فكان الخلاف بينهما بادئ الأمر على أساس طائفي فكان للمستعصم وزيره الثاني من السنة وابن العلقمي الشيعي فانحاز كل وزير إلى مذهب أهل بلده، تصعّد الخلاف إلى أن نُقل إلى ابن الخليفة المستعصم بالله؛ المدعو “أبو بكر” فأيّد هذا الأخير الوزير “الدويدار السني” وانتهى الخلاف على ذلك الأساس.
ّبدأ هولاكو بالدخول إلى أراضي الدولة العباسية وتم نقل الأنباء إلى الخليفة؛ لكنه لم يلق لها بالاً،
حيث لم يكن رجل دولة، فأتاه وزيره الدويدار وطلب منه إذنا بأن يحرك جيش الدولة العباسية الذي بلغ تعداده ما يقارب من الجنود 200,000 جندي لإيقاف زحف هولاكو.
حيث اعتبر هذا الجيش مانعا من تقدم هولاكو واقترابه من بغداد كونها عاصمة الخلافة ومحور قوتها؛
لكن المستعصم بالله لم يأخذ برأي وزيره وأصرّ على بقاء الجيش في بغداد، معتبرا أن ذلك حماية للمدينة في حال فكّر هولاكو في اقتحامها.
خيانة ابن العلقم وانتقامه من العباسيين:
لم ينس ابن العلقمي الخائن ما كان من آل العباس وخاصة ابن الخليفة “أبو بكر” في تأييده لأهالي البصرة والوزير الدويدار السني، على حساب أهل بلده الشيعيين الذي كان سببا في وقوف “أبي بكر” معه ضد الشيعيين.
فبدأ يفكّر في طريقة يستفيد من قوة هولاكو وجيشهم وينصّب نفسه خليفة وحاكماً بدلا من المستعصم بالله.
فبدأ ابن العلقم الخبيث بارسال الرسائل إلى هولاكو الذي كان منشغلا بمن يعرفون “بالحشاشين” ؛
وكان من بينهم رجلا عالما بالفلك والنجوم يسمى نصير الدين الطوسي، حيث كان هولاكو يعتمد عليه في التنجيم ويستند إلى قراره على ذلك التنجيم.
عرض هولاكو على مستشاريه رسائل ابن العلقمي؛ حيث كان هذا الأخير يدعوهم إلى القدوم إلى العراق والسيطرة عليها فأشار المستشارين على قائدهم أن لا يذهب كون العراق تحتوي على جيوش كبيرة،
وأن يقوم بارسال الرسائل لابن العلقمي ويستفسر منه عن الطريقة المثلى للدخول إلى بغداد وفيها تلك الجيوش العظيمة، وصلت الرسائل لابن العلقمي ولكنه لم يجبه فيها.
وفكّر في اقناع الخليفة بانقاص عدد الجيش العباسي..
ابن العلقم ينفذ خطته:
أشار ابن العلقمي على المستعصم بالله أن يقوم بتسريح عدد من جنود الجيش كونهم يشكّلون مصاريف كبيرة لا داعي لها وأن يبقي العدد على 10.000 أو 20,000 من الجيش كأحد أقصى.
وافق الخليفة على قرار وزيره دون تبيُن أو تبصر أكثر، وصل الخبر بهذا الشأن إلى الوزير “الدويدار” الذي حاول أن يمنعه من هذا القرار الخاطئ،
لكن الخليفة انحاز لرأي “ابن العلقمي”.
نفّذ الخليفة قرار هذا الأخير حتى أبقى عدد الجنود إلى 10,000 فقط وبعدها أرسل إلى هولاكو يخبره أنّ عدد الجيش أصبح قليلا فدعاه للقدوم في الحال وأن يقوم بالقضاء على الخليفة وعائلته ويسلّم الحكم لابن العلقمي كعامل له.
هولاكو يتجه نحو بغداد عاصمة الخلافة العباسية:
بدأ هولاكو بالتوجه نحو عاصمة الخلافة العباسية بغداد وفي طريقه كان يجتاح بعض المدن والقرى التي كان أهلها يرسلون الرسائل إلى مقر حكم الخليفة، لكن كل الرسائل كانت تصل لابن العلقمي بخطة منه ويخفيها عن الجميع.
وصل جيش هولاكو إلى أسوار بغداد وقام بتحويطها من كل جانب وعندها اجتمع المستعصم بالله مع وزيره الدويدار وابن العلقمي وبعضا من حاشيته يسألهم عن الحل؟
فقال ابن العلقمي: أن الحل لديه وطلب الإذن ليذهب إليهم ويفاوضهم فأذن المستعصم له.
ابن العلقم يلتقي بهولاكو:
خرج ابن العلقمي إلى هولاكو وأول ما تحدّث به معه كان الوعد الذي قاله له بأن يسلّمه حكم العراق بدلا من الخليفة المستعصم بالله فأجابه هولاكو أنه على وعده طالبا منه أن يقوم باخراج المستعصم وعائلته آل الخلافة إليه، عاد ابن العلقم إلى القصر وأخبر الخليفة بأنّ هولاكو ليس لديه نية الدخول بغداد؛ وإنما مرّ بالعراق أراد السلام على المستعصم والتفاوض معه.
فقد تمكّن ابن العلقمي بطريقة أو بأخرى من اقناع الخليفة بالخروج إلى هولاكو.
الخليفة المستعصم بالله يستقبل القائد هولاكو:
جهّز المستعصم الهدايا وحضّر أسرته معه وخرج للقاء هولاكو واستقباله.
فخرج من أسوار بغداد وبصحبته كبار رجال الدولة من علماء وأدباء ووزراء بعدد يقدر بحوالي 700 شخص.
فور وصولهم استقبلتهم الجيوش المغولية وعزلت الخليفة المستعصم بالله عن حاشيته وتم اعطاء الاشارة بقتل حاشية الخليفة جميعا على مرأى من عين المستعصم بالله الذي شهد الفاجعة التي تغافل عن وقوعها
وبعدها طلب الخليفة أن يبقي على حياته مقابل أن يدفع له نصف خراج الدولة وكل ما يملكه من أموال،
وهذا ما أعجب القائد هولاكو، ليتدخل ابن العلقم ويخبر هولاكو بأن خراج الدولة كله سيكون له بالأصل
وبمجرد ذهاب مستعصم ووصوله إلى الحكم سوف يعطي كل شيء إلى هولاكو
ليتفاجأ المستعصم بخيانة وزينه التي لم يكشفها من قبل.
كان من مرافقي هولاكو رجلا آخر عالم بالفلك مسلم يدعى حسام الدين،
وعندما شاهد ما حدث أمامه قال لهولاكو أنّ النجوم تخبره بأن قتل الرجل العباسي وإراقة دمه؛
سيؤدي لهلاك جيش هولاكو ومرضه.
بعد أن اقتنع هولاكو، أشار “نصير الدين الطوسي” برأي آخر قائلا:
اقتلوا هذا الرجل دون أن تريقوا دمه، ضعوه داخلك كيس من الخيش واضربوه إلى أن يموت
وهو ما أعجب به هولاكو، فأمر بتنفيذه فتم ذلك
وكانت هذه نهاية كل حاكم مستهتر غير متقظ أو مبالي بشؤون الحكم
نهاية الخلافة:
في عام 656 دخلت جيوش المغول إلى بغداد وذكر ابن كثير في مقدمة كتابه يقول:
“أكره أن أكتب نعوة المسلمين بيدي”
اذ شهد ذلك العام أحداثا لا توصف من شدّة وقعها على الأمة الاسلامية جمعها.
فقد قتل المغول أكثر من 700 ألف انسان في العاصمة بغداد وحدها خلال 40 يوم فقط وبصحبتهم ابن العلقمي.
نهاية ابن العلقمي:
ذهب ابن العلقمي إلى هولاكو وطالبه بتطبيق الإتفاق وأن يسلّمه الحكم،
سخر منه هولاكو وأمر أن يتم اركابه على الحمار وأن يلفّون به شوارع بغداد وفي تلك الأثناء مرت إحدى النساء فقالت له:
“اييه يا ابن العلقمي أهكذا كانوا بنو العباس يعلمونك”!؟؟
ويقال أنّ ابن العلقمي بعد ذلك الموقف نزل من على حمار وتوجه إلى منزله ولم يخرج منها ثلاثة أيام، وهو يبكي نادما على ما فعله بدولته وبنفسه إلى أن توفي من شدّة الندم الذي لم يفيد بشيء
وكان هذا جزاء خيانته فمن يخن الثقة لا يجد من يضع فيه الثقة وتنتهي قصة واحد من أعظم الخونة في التاريخ وهكذا كانت نهاية خلافة الدولة الاسلامية العباسية بهذه الخاتمة الماسأويه الحزينة المؤلم للأمة الاسلامية.
مقالات قد تعجبك:
ممتاز 👍🏻
مقال رائع يوضح قصه الخلافه العباسيه بشكل بسيط ومختصر ومُلم بجميع الحقائق.
بالتوفيق