مدينة تلمسان الجزائرية

مدينة تلمسان الجزائرية

 

مدينة تلمسان الجزائرية

نبذة متنوعة ومختصرة عن مدينة تلمسان الجزائرية


المستشرق الفرنسي “جورج مارسي”؛ الذي سحرته الجزائر بجمالها يقول عن تلمسان:
“إنها مدينة الفن والتاريخ”.
لا يختلف اثنان في كون مدينة تلمسان واحدة من ألمع المدن الجزائرية؛ هي الماضي والحاضر والمستقبل.
سوف آخذك معي إلى رحلة استكشافية متنوعة عن لؤلؤة المغرب الكبير (تلمسان).
محطات تاريخية عريقة؛ وقفات فنية و جولات طبيعية ساحرة و مأكولات تقليدية متنوعة.
من خلال هذه التدوينة ستكتسب معلومات تاريخية، ثقافية وفنية واسعة تقرأ عنها لأول مرة؛ وتفتنك بجمال هذه المدينة.

هدفنا تقديم المعلومات التي يبحث عنها أي شخص في هذا المجال، والتعريف بجمال هذه المدينة وأصالتها العريقة لعزيزي القارئ من داخل أو خارج البلاد.

بعد تكملة هذا المقال يستهويك الشغف لزيارة هذا المكان العالمي العتيق.

على أثر هذا الصدد وما سبق ذكره…
برأيك ماذا تعرف عن هذه المدينة؟ وما هي خصائص ومميزات مدينة تلمسان؟
وفيما يتمثل تاريخها؟ وما علاقتها بالأندلس؟ ولماذا قال عنها جورج مارسي أنها مدينة الفن والتاريخ؟

 

التعريف بمدينة تلمسان:

مدينة تلمسان ولاية جزائرية عريقة تقع أقصى الشمال الغربي للوطن تربطها حدود مع الدولة المغربية الشقيقة،كما تعتبر عاصمة وجوهرة الغرب الجزائري، تبعد عن العاصمة الجزائرية حوالي 520 كلم، تبلغ مساحتها 40.11 كلم مربع.

 

معنى كلمة تلمسان:

  • لا يمكن حصر المعنى في تعريف واحد؛ فقد اختلفت الآراء والروايات عن شرح كلمة تلمسان؛
    منهم من يقول معنى هذه الكلمة يعود إلى اللهجة الأمازيغية وهي تنقسم إلى قسمين تالا بمعنى “المنبع”، وينسان الجاف لتشكل كلمة تلمسان معنى “المنبع الجاف”.
  • ورأي آخر يقول أنها كلمة أمازيغية تنقسم الى قسمين تلم بمعنى “تجمع” وسان بمعنى “اثنان”
    لتُكون كلمة تلمسان، لأنها جمعت بين مدينتي أغادير المغربية وتقرارات الجزائرية.
  • والقول الثالث وهو الدارج عند عامّة الناس حسب تفسيرهم، تنقسم الكلمة أيضا إلى اثنين، تلم بمعنى “تجمع”، وسان بمعنى “انسان”، لتدل على مكان تجمع الناس
  • الأقوال والروايات كثيرة عن شرح معنى كلمة تلمسان اخترنا منها ثلاثة أقرب للمعنى.
    فهذه المدينة تعتبر واحدة من أهم المدن السياحية و الإقتصادية والتاريخية لدولة الجزائر.

محطات تاريخية في مدينة تلمسان:

 

مدينة تلمسان أصالة حاضرة وتاريخ متجذر

مدينة تلمسان الجزائرية اصالة وتاريخ

سنتناول معكم من خلال هذه الفقرة القصيرة محطات تاريخية، ونبذة مختصرة عن أهم المراحل التاريخية التي مرت بها مدينة تلمسان.

 تلمسان في العهد الروماني القرطاجي:تأسست أشهر مدينة رومانية قديمة بمدينة تلمسان شرق البلاد وهي مدينة بوماريا، التي أسّسها الرومان بعد الميلاد، كقلعة عسكرية دفاعية عن الأراضي الخاضعة لروما، وبعد القرن الخامس ميلادي لم تعد بوماريا خاضعة للحكم الروماني.
وبعد ذلك ب 10 سنوات؛ دخلت قرطاج إلى المنطقة، ومع مرور السنوات أخرج امبراطور القسطنطينية البلاد من سلطة الوندال،
واستطاع إعادة التقاليد الرومانية وإدخال الديانة المسيحية على سكان هذه المنطقة
تعرضت مدينة بوماريا للعديد من الاضطرابات والدمار والفوضى من المستوطنين الوندال،
و بقيت تحت حكم ملوك البربر فترة من الزمن وجمعت خليطا من الديانة اليهودية والوثنية والمسيحية       

تلمسان و الدولة النوميدية:

بعد سقوط العهد الروماني القرطاجي تأسست الدولة النوميدية في شمال أفريقيا
وكانت مدينة تلمسان خاضعة للحكم النوميدي الذي بسط نفوذه في هذه بعض المناطق الجزائرية بشكل كبير
بعد فترة من الزمن الذي كان له حصاده ونصيبه من الحكم،
انتقلت مدينة تلمسان إلى أهم محطة تاريخية في أرشيفها ألا و هي الفتوحات الإسلامية،وعليه كيف دخل الإسلام لهذه المنطقة؟

تلمسان في عهد الدولة الأموية والفتح الإسلامي:

قبل فتح منطقة شمال أفريقيا كانت مدينة تلمسان الجزائرية خاضعة للديانة المسيحية؛
مع بداية تأسيس الدولة الأموية وَكّل معاوية بن أبي سفيان، القائد معاوية السكوني، وتولى فتح شمال أفريقيا سنة 45 هجرية وبعدها تولى عقبة بن نافع الأمر
وكان ملك المنطقة كسيلة مسيحي، وأول الفتح أسلم ثم ارتدّ عن ذلك عندما تولى الأمارة أبو المهاجر دينار

وكان لمدينة تلمسان في هذه الفترة النصيب الأوفر من الازدهار والفتوحات وإرساء المعالم الإسلامية الثابتة
وتخلّلتها الحروب والصراعات كما هو الحال آنذاك وتوارثتها دول عديدة مرتبة كالتالي:
الدولة العباسية، الدولة الادريسية، الدولة الفاطمية، الدولة المرابطية، الدولة الموحدية، وأيضاً دولة الزيانية (بني عبد الواد) العهد العثماني إلى آخر حقبة زمنية وهي الاستعمار الفرنسي وبعدها إلى الاستقلال والاستقرار.

الإرث الأندلسي في مدينة تلمسان الجزائرية:

تلمسان تعتبر الأندلس الصغرى للجزائر والوريث الأكبر، لؤلؤة المغرب العربي الكبير والشاهد الأكبر على الإرث الإسلامي التاريخي للأندلس، سوف نتعرف تالياً على المدينة والميراث الذي يجسد تاريخ الأندلس العتيق ونكتشف أهم معالمها الأثرية للهندسة المعمارية .

الهجرة الأندلسية إلى مدينة تلمسان:

تدفّقت الهجرة الأندلسية وتقاطرت على مدينة تلمسان؛
فاهتم السلطان يغمراسن التلمساني، بهؤلاء المهاجرين الأندلسيين.
اعتنى بهم وأكرمهم كرامة إنسانية تحفظ حقوقهم الكاملة في الاستقرار على هذه الأرض تعويضاً منه عمّا فقدوه في وطنهم من أمان، ملّكهم السكن والأراضي الزراعية المناسبة لممارسة أنشطتهم وتهيئة الظروف الملائمة لأعمالهم الحرفية، كما تمّ تقسيم وتوجيه المهاجرين حسب حرفهم وطبقاتهم، كالتّجار والمزارعين وأصحاب رؤوس الأموال أسكنهم منطقة خاصه بهم أطلق عليها اسم درب الأندلسيين.
والكتّاب والباحثين والعلماء ووجهاء القوم أنزلهم بعاصمته مدينة تلمسان.

وكان لأثر هؤلاء المهاجرين على مدينة تلمسان إزدهار الزراعة بمختلف أنواعها، صناعة الأنسجة والألبسة المتميزة بالطابع الأندلسي، أسّسوا المتاجر والأسواق الواسعة للبيع، إضافة الى حرف أخرى عديدة ومتنوعة عادت بالنفع على البلاد وأهلها، ونشروا العلم وتعليم هذه الحرف لعامة الشعب، وصاروا يمتهنون حرف رائعة ومبدعة كفن البناء وصناعة الجلود، والخشب واللباس التقليدي وطرز الحرير وصناعة الفخار وغيرها…

 الأثر المعماري الأندلسي لمدينة تلمسان:

– قلعة أو قصر المشور:

 

قلعة او قصر المشور

 سوف نأخذكم في تفاصيل شيّقة وخيال تصويري لهذا الفن والإرث النادر الثمين.
تعتبر قلعة “المشور” واحدة من أروع الفنون المعمارية الأندلسية، من هذا المكان كُتب تاريخ المدينة ورفعت أسوار الحضارة الزيانية
قلعة المشور تراث أندلسي تحتضن القصر الملكي الزياني؛
عندما يدخل الزائر إلى قصر المشور فهو يدخل نفق تاريخي مصوَر بمعالمه وآثاره الفنيّة المزخرفة والبديعة في نقش الرسومات التي تسحر العين بمنظرها الخلّاب، ولمسات ذهبية شامخة، سلسلة من الأقواس الهندسية المتعانقة؛ تربط ثلاثة أروقة ببعضها البعض، تتخللها زخارف ونقوش على أطرافها أسقف خشبية لامعة.

يتوسط ساحة القصر حوض مائي بنافورة يضفي جمالاً بموسيقى مائية متناغمة،
وأشعة الشمس الصفراء تعكس بريقها داخل الحوض وعلى حاشية الحوض الورود بأشكال وألوان زاهية تسرح بخيالك في عالم من البهاء والمتعة ليشكل هذا الوصف أدلة واضحة على الإرث الأندلسي التاريخي والفن المعماري الإسلامي الأصيل، ويشبه هذا الوصف مسجد سيدي بومدين المعلم الأثري الذي ورثه السلطان المريني من الدولة الموحدية وأحد أهم الرموز التاريخية، وأقدم المساجد في مدينة تلمسان 

– منارة المنصورة:

 

منارة المنصورة

تعتبر هذه المنارة تجسيداً للأسطورة المعمارية الأندلسية والحضارة العميقة، وتاريخ ثري شاهد على الإعجاز الهندسي، صومعة المنصورة جزء لا يتجزء من الإرث الأندلسي المتكامل في هذه المدينة .
تم تأسيسها بادئ الأمر كمعسكر من طرف السلطان المريني أبو يعقوب يوسف بطول 45 متر وذلك عند محاصرة عاصمة الزيانيين (تلمسان) عام 1299 ميلادي للقصر وتحويطها بأسوار مرتفعة مع وجود بعض أبراج المراقبة العسكرية وبعدها تمّ تشييد المسجد وتحولت إلى أكبر مأذنة ذاك الزمن .

قاعدة هذه المئذنة مربعة الشكل بطول ضلع الواحد 10 أمتار،
والباب مدخل مقبب (على شكل قبة) وأعمدة رخامية يعلوه قوس نصف دائري يرتكز على عمودين من الرخام
الصومعة مزينة بالزلّيج المطلي ومتوجة بشرفه مزخرفة؛
كان الصعود إلى المأذنة عن طريق سلم يضيق باتجاه الأعلى، ويوجد داخلها عدد من الحجرات المتطابقة بعضها فوق بعض، ويتم الصعود إلى هذه الحجرات بواسطة منحدر تلتف حولها عدّة شبابيك لإنارة الحجرات والمنحدر الصاعد إليها، وهي مقسّمة إلى أربع مستويات .
انتهى الحصار المفروض على تلمسان الذي دام ثمان سنوات بعد اغتيال أبي يعقوب يوسف من قبل أحد عبيده سنة 1307م ولم يكن بيد الجيش المريني سوى الانسحاب وهدمت القلعة ولم يبق منها سوى بعض الأجزاء من سورها الكبير وصومعة المسجد.

– قصر الثقافة عبد الكريم دالي:

 

قصر الثقافة عبدالكريم الدالي

تحفة تجسد الإرث المعماري الإسلامي الفني الأندلسي، وتزين وسط مدينة تلمسان بفخامة الزخرفة فهو أيقونه الهندسة المعمارية الأندلسية ثم تشييد القصر بمنطقة “إمامة” على قرب من المعلم الأثري منارة المنصورة؛ يضم القصر صرح ثقافي بارز في الموسيقى الأندلسية التي تفتخر به الجزائر ويخلّد اسم أبرز الفنانين في هذا المجال عبد الكريم دالي الذي يحمل في طياته نغمات استثنائية مميزة عن باقي الأنواع الموسيقية الأخرى .

تم افتتاح القصر ب 11 ابريل سنة 2011م تزامناً مع احتضان الجزائر لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية؛
إذ يعتبر القلب النابض للحياة الثقافية الغزيرة التي تشتهر بها لؤلؤة المغرب العربي الكبير 
مساحة القصر؛ يتربع على مساحة 15 ألف متر مربع؛ يضم عدّة أقسام من قاعات لإقامة العروض الفنية،
و أماكن مخصصة للمحاضرات ومختلف الأنشطة الثقافية والموسيقية والتشكيلية وكل مدارس الموسيقى الأندلسية تلقّن في هذا القصر 
الزائر للمكان سيُسحر بالتصاميم الفنية، وروعة الدقّة والتّفاصيل بالزخارف الأندلسية الجذّابة للأعمدة والأسقف الخشبية والثريا العملاقة المصنوعة من النحاس، ناهيك عن اللوحات الفسيفسائية التي تزين الجدران بجزيئاتها
كل تفاصيل المكان مستوحاة من الحضارة والإرث الأندلسي البديع،،

– الموسيقى الأندلسية:

الموسيقى الأندلسية ضاربة في جذور التاريخ الأندلسي العريق، موسيقى راقية بتفاصيلها الرنّانة التي تطرب الآذان، لكنها مع مرور الزمن تعرضت لبعض التحريفات المتوارثة، يعود أصول هذه الموسيقى الأندلسية؛ ووصولها إلى بعض مدن المغرب العربي من خلال ما قيل أنه كل ما كانت تسقط مدينة من مدن الأندلس يهجر منها سكانها ويجدون مدن المغرب الأقرب إليهم فنُقلت هذه الموسيقى التراثية إلى مدينة تلمسان الجزائرية والمغرب وما جاورها عن طريق الممارسة والاحتكاك بالفنانين الأصليين،،
وتنقسم هذه الموسيقى الكلاسيكية إلى قسمين: القسم المتعلق بالمدائح والطرق الصوفية،
وقسم الطرب والغناء، فتفردت بلدان المغرب العربي بهذا الفن الراقي عن باقي الدول العربية 

– اللباس والزي التقليدي التلمساني: (الأغلى في الجزائر)

 

اللباس والزي التقليدي التلمساني

تابع معي عزيزي القارئ لنتعرف معا على تفاصيل أكثر عن  الشدّة التلمسانية
اختلفت الروايات حول تسمية هذا اللباس الموضح في الصورة باسم الشدّة البعض يرجعها إلى شدّة لمعان الحلي الذي يرصّع هذا اللباس التقليدي العريق، والطرف الآخر ينسب معنى هذا الآسم إلى طريقة شد خيوطه ومجوهراته؛ لكن الرواية الأكثر تداولا بين نساء تلمسان تقول معنى الشدّة اختبار لصبر العروس ليلة الزفافها بتحملها هذا اللباس الذي يصل وزنه أكثر من 15 كلغ وذلك لأنه يتألف من 12 قطعة متناسقة أهمها:

البلوزة، الفوطة، القفطان، الشاشية أو (القبعة) المزينة بأنواع المجوهرات مثل الفضّة،،
تلبس الشدّة بكامل قطعها المتكاملة وترصّع بأكثر من 50 نوع من المجوهرات التقليدية المصنوعة في تلمسان
والذي تتراوح مدة خياطتها بالكامل ما بين ثلاثة إلى أربعة أشهر خياطة وطرز يدوي 

– تاريخ ووصف الشدّة التلمسانية:

يعود تاريخ هذا الزي التقليدي في مدينة تلمسان الجزائرية إلى القرن 11 ميلادي،اكتسب شكله النهائي وتفاصيله الحالية على مر العصور
ساهم في تطويره الأيادي العربية والأندلسية والعثمانية حتى وصل إلى ما صار عليه الآن
وقت الحضارة الأندلسية كان هذا الزي المميز لا ترتديه إلا الأميرات وبنات السلاطين في قصور الأندلس،،

في الشدّة ما يسمى بالتّاج الملكي وهو غطاء رأس مخملي مطرّز على شكل مخروطي، مزين من حوافه بمنديل من النسيج وفي أطرافه خصلات حريرية طويلة؛ كما يحوي غطاء الرأس على مجوهرات ثمينة وأحجار كريمة تسمى الزراريف وترصّع وفق تناظر خلّاب ونظام محكم، ويوضع فوقه غطاء طويل يسمى الجباين،
ويوضع أيضا على الأذن حلقات من الأحجار الكريمة كبيرة الشكل،،

ورغم كثافة التطريز على صدر القفطان؛ يزيّن أيضا بأطواق اللؤلؤ أو الجوهر وعقود من اللوزيات الذهبية وسلاسل مظفورة، وقلائد من الذهب الأصفر المخرّم، ويصل سعرها الأصلي إلى ما يقارب 4 آلاف دولار لكونه مطرّز بخيوط ذهبية وأحيانا يزيد أو ينقص حسب قيمة المجوهرات المصاحبة له 

وحسب اعتقاداتهم السائدة التي لا أساس لها من الصحة من رأيي الشخصي أن المجوهرات الموضوعة على الشدّة تحمي العروس من العين والحسد وغيرها من الأرواح الشريرة،
وبهذا يكون هذا الزي التلمساني مصنف من طرف منظمة اليونسكو كتراث إنساني عالمي سنة 2012 لقيمته التاريخية والجمالية والحضارية لكونه لباس ملكي قديم  

عادات و تقاليد مدينة تلمسان:

تابع معي عزيزي القارئ في هذه المحطة حول أهم العادات والتقاليد والأكلات التلمسانية في المناسبات

-الوعدة:

 

الوعدة اكلة شعبية تلمسانية

الوعدة: هي عبارة عن مهرجان يقام سنوياً يتميز بالعديد من الأنشطة والفعاليات، وتقديم عروض الفروسية مع اطلاق البارود مثل وعدة فلاوسن، يعتبرها سكان المنطقة فرصة سنوية لتّجمع أهل المنطقة للتّلاقي و التّسامح، وإحياء تراث الأجداد ونقله جيلاً عن جيل؛ كما تتميز هذه الوعدة بطهي مختلف أنواع الأطباق وتبادلها في ما بينهم أشهرها طبق الكسكس
تقام في هذه الوعدة أسواق شعبية كبيرة لمنتجات متنوعة بأسعار تنافسية تجد إقبالاً واسعاً من قبل المواطنين والزوّار.

– المولد النبوي الشريف: 

 

البركسوس الجزائري
البركسوس الجزائري

 يحتفل سكان مدينة تلمسان بمناسبة المولد النبوي الشريف كباقي ولايات الوطن لكن كل منطقة لها لمساتها الخاصة في إحياء هذه الذكرى، وعليه ما هي أبرز الأكلات التقليدية التي تحضّرها العوائل التلمسانية لهذه المناسبة؟. أهم طبق مشهور عبر ربوع الوطن على الوجه العموم، ومنطقة تلمسان بشكل خاص، ألا وهو طبق البركوكس
والذي يسميه البعض المردود، الذي يطهى على الجمر ويعد طبقاً رئيسياً في هذه المناسبة
لتجمّع العائلة كباراً وصغاراً حول مائدة الغداء،
ويفرح الأطفال بهذه الذكرى السنوية من خلال توزيع الحلوى والهدايا وتزيين اليد بالحناء؛ خاصة الصغار لهم فرحتهم المتميزة بها، بالإضافة إلى اللعب بالمفرقعات والألعاب النارية أمر ضروري لا يمكن الاستغناء عنه؛
وغيرها من الأنشطة والفعاليات بين أسر الحي أو الأهل والأقارب والسهر إلى وقت متأخر من الليل،
مع دق الطبول والغناء وعزف الألحان، بالإضافة إلى المدائح الدينية التي تقام في المساجد طيلة أسبوع كامل

– رمضان:

سنتعرف من خلال الأسطر التالية كيف تقضي العائلة تلمسانية أوقاتها الرمضانية وأشهر أكلاتها،،
تستفتح العائلة تلمسانية إفطارها بالتّمر والحليب كما هو متعارف عند الجميع؛
ويليه أهم طبق يستحيل أن تخلو المائدة التلمسانية منه وهو طبق الحريرة والتي تحتوي مكوناتها الرئيسية على اللحم والخضر ويتم رحي هذه الخضر مع إضافة البهارات المختلفة وبعض النكهات الأخرى التي تضفي ذوقا شهيا ومتميزا لهذا الطبق،

ويصاحب هذا الطبق الضروري لفّات البوراك المحشية باللحم المفروم والجبن، المعروف عند بلدان المشرق بالسمبوسة، وأيضا لكم أن تتخيلوا معي منظر هذه الأكلات التي يسيل اللّعاب من قراءة أو سماع وصفها وشكلها النهائي
طبق المحمّر ويقصد به لحم مطهو على الجمر وبعدها يحمّر ويوضع بالطاجين،

ويزيّن بأنواع من الفواكه المجففة كالبرقوق والمشمش وبعض المكسرات كالجوز واللوز .
وطبق الرشتة، المشهور عند معظم مناطق الشمال وليس فقط مدينة تلمسان، والمصنف السابع عالمياً،
ذُكر في كتاب ابن خلدون، يشبه في مظهره طبق الكسكس،
وهو عبارة عن عصائب المعكرونة الطويلة والعريضة، تقدم مسقية بمرق اللحم أو الدجاج بالخضر،
مذاقها لذيذ للغاية حسب آراء الأغلبية 

-أشهر المقبّلات والحلويات:

 

اشهر المقبلات والحلويات الرمضانية

أما أطباق المقبّلات تتمثل في طبق المثّوم، المكون من مرق أحمر أو أبيض بكريات اللحم واللوز،
وطاجين الحلو، يؤكل كآخر طبق، مكوناته سهلة وبسيطة؛ خليط من مرق السكر بالفواكه المجففة المشمش والبرقوق والزبيب، وقطع التفاح الطازج،
مع إضافة قطع صغيرة من اللحم والقليل من القرفة وحبات من اللوز 
وعائلات في مناطق أخرى من مدينة تلمسان تستبدل الطبق الرئيسي المحمّر بطبق الكبد أو طبق القدّيد (لحم مجفف بالملح) 
هذه أشهر وأهم الأطباق الضرورية في المائدة الرمضانية التلمسانية ،،

والتحلية تكون وراء صلاة التراويح تجتمع العائلة أو بعض الجيران والأحباب للسهر والتسامر،
والتحلي بحلوة قلب اللوز الضروري في كل مائدة تحلية، والزّلابية والمقروط، مع احتساء الشاي أو القهوة 

ومن العادات والطرائف السائدة عند بعض التلمسانيين؛ أن الطفل أو الطفلة عند صيامهم الأول،
يوضع لهم في كأس الحليب خاتم الذهب حتى يكون كل صيامهم في مقبل الأيام والسنوات صافي كالذهب
ويأخذون الطفل إلى مسجد سيدي بومدين للتبرك به، ويحتفلون للبنت أيضا عند صيامها الأول بسهرة رمضانية ويلبسونها الشدّة،
ويزروها الجيران والأحباب والأقارب والصديقات لتهنئتها، تعظيما منهم على هذه الشعيرة الإسلامية المقدسة 

-رأس السنة الأمازيغية:

مفهوم رأس السنة الأمازيغية عند الجزائريين:
هو عام أمازيغي متداول عند سكان شمال أفريقيا منذ القدم ومشهور باسم” أوسقاس” يوافق يوم 12 يناير من الأشهر الميلادية يزيد ب 950 سنة عن السنة الميلادية، يحتفل به بعض الجزائريين لاعتقادهم أنه يجلب لهم سنة مليئة بالسعادة، طبعا هذا لا أساس له من الصحة فقد توارثوا هذا الاعتقاد أبّاً عن جد،
لكن سبب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية حسب بعض المصادر التاريخية يعود إلى انتصار الإمبراطور شيشناق زعيم الأمازيغ على رمسيس الثاني في مصر ،،

حسناً سنأخذ جولة سريعة عن هذا الاحتفال بمدينة تلمسان ،،
تتسع مائدة الإحتفال برأس السنة الأمازيغية لأصناف وألوان وأشكال لكل ما لذ وطاب من صنوف المأكولات
هذا ركن للمملحات والمكسرات والفواكه، وهذه أطباق مختلفة لشتى الحلويات وغيرها من الأطباق التي تختلف من بيت للآخر؛
أمّا الطبق الرئيسي يتمثل في البركوكس، يوضع البركوكس في قصعة كبيرة وبداخل البركوكس يتم وضع نواتين أو ثلاثة من نواة التّمر وتجتمع كل العائلة مع الأقارب والأحباب ومن تقع لقمته على النواة سيكون محظوظ هذه السنة؛ وبالطبع هذه فقط عبارة عن طرائف للتّسلية والمرح .

جولة سياحية في مدينة تلمسان:

 

جولة سياحية في مدينة تلمسان

وفي ختام هذه التدوينة سنأخذكم معنا في جولة سياحية، ومحطات طبيعية، تذهل العقول وتشوق القارئ لزيارة هذه الأماكن الساحرة 
تلمسان لؤلؤة وجوهرة خلّابة بمناظرها وكما هو معروف مدينة تلمسان بلدة ساحلية، يحدّها من الغرب بلاد المغرب ومن الشرق مدينه وهران، تتميز بشواطئ ذات أوصاف نادرة عن بقية الشواطئ الجزائرية جاذبة للسواح المحليين، و الزائرين من خارج البلاد، من بين أهم هذه الشواطئ “الشاطئ “بورساي” بمرسى بن مهيدي .
تابع معي كدليل سياحي لأهم المناطق السياحية التي قد يغريك وصفها لزيارتها 

– مغارة بني عاد:

 

مغارة بني عاد

ثاني أكبر مغارة طبيعية في العالم والأولى في شمال أفريقيا، يتوافد عليها السوّاح سنويا ما يقارب 27,000 زائر، تمّ اكتشافها من قبل الأمازيغ قبل 65 ألف سنة، تحتوي المغارة على جداريات تشكلت بفعل صواعد ونوازل كلسية ويتزايد طولها واحد سنتيمتر كل سنة تقريبا، وأهم ما يميز مغارة بني عاد، درجة الحرارة الثابتة 13° على مدار السنة والفصول، ليلا ونهارا، يتجاوز طول المغارة 750 متر وانحدار إلى عمق 57 متر، واتساعها لعرض يزيد عن 20 متر .
وأما الطول الكلي للمغارة 145كيلو متر ينطلق من مغارة بومعزة بمنطقة سبدو الواقعة جنوب البلاد وصولا إلى مغارة الحريات بمنطقة سيدي يحيى بمدينة وجدة المغربية، الدخول إلى هذه المغارة ينتقل بك إلى عالم الخيال والتصور الطبيعي المدهش .

– هضبة لالة ستّي:

 

هضبة لالة ستّي

هضبة لالة ستّي نسبة إلى إحدى النساء الصّالحات الخيّرات، تمّ وضع ضريح لها أعلى المدينة تكريماً لأعمالها وخدماتها الجليلة التي قدّمتها لسكان تلمسان، تعتلي هضبة لالة ستّي سهل مدينة تلمسان المطلة عليه؛
وبعدها تحولت هذه الهضبة الخضراء إلى منطقة سياحية تستقطب الراغبين بالاستجمام والراحة،
بعيدا عن ضوضاء وضجيج المدينة، وأضف إلى ذلك لتميزها بالمنظر الجميل لإطلالتها على كل عمران الغرب الجزائري .

– شلالات لوريد:

جوهرة الشلالات في الجزائر تغنّى به الشعراء والفنانين، يبلغ طوله 340 متر وارتفاعه 120 متر و يشكل جزءا من السلسلة الجبلية الواقعة في نطاق الحضيرة الوطنية بتلمسان .
تحوّل إلى قبلة سياحية فريدة في كامل ربوع الوطن، يتوسط شلالات لوريد جسر السكة الحديدية الذي صمّمه جوستاف ايفل مصمم برج ايفل الفرنسي عام 1889م، ومازال معبراً رئيساً للقطارات القادمة من الغرب الجزائري .

– حمام الشيفر:

واحد من أهم الحمامات المعدنية الطبيعية يقصده زوّار البلاد من كل مكان،
لأن مياه هذا الحمام متميزة ليست ككل المياه المعدنية المتواجدة في الولايات الأخرى
يبعد حوالي 5 كلم عن مدينة مغنية تلمسانية،
تتميز المياه الساخنة للمحطة المعدنية التي فتحت أبوابها في ثمانينات القرن الماضي بخصائص علاجية جعلته الوجهة المفضّلة للمواطنين من داخل وخارج الوطن، حيث يقصده 50 ألف زائر سنوياً .

وفي الختام فخرنا يكمن في عروبتنا وإسلامنا، ووجب علينا إحياء أصالتنا، ونفض الغبار عن تاريخ أمتنا المجيد
الذي اندثر الحديث عنه شيئاً فشيئاً ، حتى أصبحنا لا نعرف من التاريخ الإسلامي إلا أسطر مزيفة أو حقائق محرّفة، نرجو أن يكون هذا المقال عن مدينة تلمسان الجزائرية  قد نال استحسانكم . 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *